لغت: أبر
أَبَرَ النخلَ والزرعَ يَأْبُره، ويأْبِرُه أَبْراً وإِباراً
وإِبارَة وأَبّره: أَصلحه. وأْتَبَرتَ فلاناً: سأَلتَه أَن يأْبُر نخلك؛ وكذلك
في الزرع إِذا سأَلته أَن يصلحه لك؛ قال طرفة:
وَلِيَ الأَصلُ الذي، في مثلِه،
يُصلِحُ الآبِرُ زَرْعَ المؤتَبِرْ
والآبر: العامل. والمُؤْتَبرُ: ربّ الزرع. والمأْبور: الزرع والنخل
المُصْلَح. وفي حديث عليّ بن أَبي طالب في دعائه على الخوارج: أَصابَكم
حاصِبٌ ولا بقِيَ منكم آبرِ أَي رجل يقوم بتأْبير النخل وإصلاحها، فهو اسم
فاعل من أَبَر المخففة، ويروى بالثاء المثلثة، وسنذكره في موضعه؛ وقوله:
أَنْ يأْبُروا زَرعاً لغيرِهِم،
والأَمرُ تَحقِرُهُ وقد يَنْمي
قال ثعلب: المعنى أَنهم قد حالفوا أَعداءَهم ليستعينوا بهم على قوم
آخرين، وزمن الإِبار زَمَن تلقيح النخل وإِصلاحِه، وقال أَبو حنيفة: كل
إِصلاحٍ إِبارة؛ وأَنشد قول حميد:
إِنَّ الحِبالَةَ أَلْهَتْني إِبارَتُها،
حتى أَصيدَكُما في بعضِها قَنَصا
فجعل إِصلاحَ الحِبالة إِبارَة. وفي الخبر: خَيْر المال مُهْرة
مَأْمُورة وسِكّة مَأْبُورة؛ السِّكَّة الطريقة المُصْطَفَّة من النخل،
والمأْبُورة: المُلَقَّحة؛ يقال: أَبَرْتُ النخلة وأَبّرْتها، فهي مأْبُورة
ومُؤَبَّرة، وقيل: السكة سكة الحرث، والمأْبُورة المُصْلَحَة له؛ أَرادَ خَيرُ
المال نتاج أَو زرع. وفي الحديث: من باع نخلاً قد أُبِّرت فَثَمَرتُها
للبائع إِلاَّ أَن يشترط المُبْتاع. قال أَبو منصور: وذلك أَنها لا تؤبر
إِلا بعد ظهور ثمرتها وانشقاق طلعها وكَوافِرِها من غَضِيضِها، وشبه
الشافعي ذلك بالولادة في الإِماء إِذا أُبِيعَت حاملاً تَبِعها ولدها، وإِن
ولدته قبل ذلك كان الولد للبائع إِلا أَن يشترطه المبتاع مع الأُم؛ وكذلك
النخل إِذا أُبر أَو أُبيع
(* قوله: «أباع» لغة في باع كما قال ابن
القطاع). على التأْبير في المعنيين. وتأْبير النخل: تلقيحه؛ يقال: نخلة
مُؤَبَّرة مثل مأْبُورة، والاسم منه الإِبار على وزن الإِزار. ويقال: تأَبَّر
الفَسِيلُ إذا قَبِل الإِبار؛ وقال الراجز:
تَأَبّري يا خَيْرَةَ الفَسِيلِ،
إِذْ ضَنَّ أَهلُ النَّخْلِ بالفُحول
يقول: تَلَقَّحي من غير تأْبير؛ وفي قول مالك بن أَنس: يَشترِطُ صاحب
الأَرض على المساقي كذا وكذا، وإِبارَ النخل. وروى أَبو عمرو بن العلاء
قال: يقال نخل قد أُبِّرَت، ووُبِرَتْ وأُبِرَتْ ثلاث لغات، فمن قال
أُبِّرت، فهي مُؤَبَّرة، ومن قال وُبِرَت، فهي مَوْبُورَة، ومن قال أُبِرَت، فهي
مَأْبُورة أَي مُلقّحة، وقال أَبو عبد الرحمن: يقال لكل مصلح صنعة: هو
آبِرُها، وإِنما قيل للملقِّح آبر لأَنه مصلح له؛ وأَنشد:
فَإِنْ أَنْتِ لَم تَرْضَيْ بِسَعْييَ فَاتْرُكي
لي البيتَ آبرْهُ، وكُوني مَكانِيا
أَي أُصلحه، ابن الأَعرابي: أَبَرَِ إِذا آذى وأَبَرَ إِذا اغتاب
وأَبَرَ إِذا لَقَّحَ النخل وأَبَرَ أَصْلَح، وقال: المَأْبَر والمِئْبر الحشُّ
(* قوله: «الحش إلخ» كذا بالأصل ولعله المحش). تُلقّح به النخلة.
وإِبرة الذراع: مُسْتَدَقُّها. ابن سيده: والإِبْرة عُظَيْم مستوٍ مع
طَرَف الزند من الذراع إِلى طرف الإِصبع؛ وقيل: الإِبرة من الإِنسان طرف
الذراع الذي يَذْرَعُ منه الذراع؛ وفي التهذيب: إِبرَةُ الذارع طرف العظم
الذي منه يَذْرَع الذارع، وطرف عظم العضد الذي يلي المرفق يقال له القبيح،
وزُجّ المِرْفق بين القَبِيح وبين إِبرة الذراع، وأَنشد:
حتى تُلاقي الإِبرةُ القبيحا
وإِبرة الفرس: شظِيّة لاصقة بالذراع ليست منها. والإِبرة: عظم وَتَرة
العُرْقوب، وهو عُظَيْم لاصق بالكعب. وإِبرة الفرس: ما انْحَدّ من عرقوبيه،
وفي عرقوبي الفرس إبرتان وهما حَدّ كل عرقوب من ظاهر. والإِبْرة:
مِسَلّة الحديد، والجمع إِبَرٌ وإِبارٌ، قال القطامي:
وقوْلُ المرء يَنْفُذُ بعد حين
أَماكِنَ، لا تُجاوِزُها الإِبارُ
وصانعها أَبّار. والإِبْرة: واحدة الإِبَر. التهذيب: ويقال للمِخْيط
إبرة، وجمعها إِبَر، والذي يُسوّي الإِبر يقال له الأَبّار، وأَنشد شمر في
صفة الرياح لابن أَحمر:
أَرَبَّتْ عليها كُلُّ هَوْجاء سَهْوَةٍ،
زَفُوفِ التوالي، رَحْبَةِ المُتَنَسِّم
(* قوله: «هوجاء» وقع في البيتين في جميع النسخ التي بأيدينا بلفظ واحد
هنا وفي مادة هرع وبينهما على هذا الجناس التام).
إِبارِيّةٍ هَوْجَاء مَوْعِدُهَا الضُّحَى،
إِذا أَرْزَمَتْ بِورْدٍ غَشَمْشَمِ
رَفُوفِ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفيّةٍ،
تَرى البِيدَ، من إِعْصافِها الجَرْي، ترتمي
تَحِنُّ ولم تَرْأَمْ فَصِيلاً، وإِن تَجِدْ
فَيَافِيَ غِيطان تَهَدَّجْ وتَرْأَمِ
إِذا عَصَّبَتْ رَسْماً، فليْسَ بدائم
به وَتِدٌ، إِلاَّ تَحِلَّةَ مُقْسِمِ
وفي الحديث: المؤمِنُ كالكلبِ المأْبور، وفي حديث مالك بن دينار: ومثَلُ
المؤمن مثَلُ الشاة المأْبورة أَي التي أَكلت الإِبرة في عَلَفها
فَنَشِبَت في جوفها، فهي لا تأْكل شيئاً، وإِن أَكلت لم يَنْجَعْ فيها. وفي
حديث علي، عليه السلام: والذي فَلَقَ الحية وبَرَأَ النَّسمَة لَتُخْضَبَنَّ
هذه من هذه، وأَشار إِلى لحيته ورأْسه، فقال الناس: لو عرفناه أَبَرْنا
عِتْرته أَي أَهلكناهم؛ وهو من أَبَرْت الكلب إِذا أَطعمته الإِبرة في
الخبز. قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه الحافظ أَبو موسى الأَصفهاني في حرف
الهمزة وعاد فأَخرجه في حرف الباء وجعله من البَوار الهلاك، والهمزة في
الأَوّل أَصلية، وفي الثاني زائدة، وسنذكره هناك أَيضاً. ويقال للسان:
مِئْبر ومِذْرَبٌ ومِفْصَل ومِقْول. وإِبرة العقرب: التي تلدَغُ بها، وفي
المحكم: طرف ذنبها. وأَبَرتْه تَأْبُرُه وتَأْبِرُه أَبْراً: لسعته أَي
ضربته بإِبرتها. وفي حديث أَسماء بنت عُمَيْس: قيل لعلي: أَلا تتزوّج ابنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: مالي صَفْراء ولا بيضاءُ، ولست
بِمأْبُور في ديني فيُوَرِّي بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عني، إني
لأَوّلُ من أَسلم،؛ المأْبور: من أَبرته العقربُ أَي لَسَعَتْه بإِبرتها،
يعني لست غير الصحيح الدين ولا المُتّهَمَ في الإِسلام فَيَتَأَلّفني عليه
بتزويجها إياي، ويروى بالثاء المثلثة وسنذكره. قال ابن الأَثير: ولو روي:
لست بمأْبون، بالنون، لكان وجهاً.
والإِبْرَة والمِئْبَرَة، الأَخيرة عن اللحياني: النميمة. والمآبِرُ:
النمائم وإفساد ذاتِ البين؛ قال النابغة:
وذلك مِنْ قَوْلٍ أَتاكَ أَقُولُه،
ومِنْ دَسِّ أَعدائي إِليك المآبرا
والإِبْرَةُ: فَسِيلُ المُقْل يعني صغارها، وجمعها إِبَرٌ وإِبَرات؛
الأَخيرة عن كراع. قال ابن سيده: وعندي أَنه جَمْع جَمْعٍ كحُمُرات
وطُرُقات.والمِئْبَر: ما رَقّ من الرمل؛ قال كثير عزة:
إِلى المِئْبَر الرّابي من الرّملِ ذي الغَضا
تَراها؛ وقد أَقْوَتْ، حديثاً قديمُها
وأَبَّرَ الأَثَر: عَفّى عليه من التراب. وفي حديث الشُّورى: أَنَّ
الستة لما اجتمعوا تكلموا فقال قائل منهم في خطبته: لا تُؤبِّروا آثارَكم
فَتُولِتُوا دينكم؛ قال الأَزهري: هكذا رواه الرياشي بإسناد له في حديث
طويل، وقال الرياشي: التّأْبِيرُ التعْفية ومَحْو الأَثر، قال: وليس شيء من
الدواب يُؤَبِّر أَثره حتى لا يُعْرف طريقه إِلا التُّفَّة، وهي عَناق
الأَرض؛ حكاه الهروي في الغريبين.
وفي ترجمة بأَر وابْتَأَرَ الحَرُّ قدميه قال أَبو عبيد: في الابتئار
لغتان يقال ابتأَرْتُ وأْتَبَرْت ابتئاراً وأْتِباراً؛ قال القطامي:
فإِن لم تأْتَبِرْ رَشَداً قريشٌ،
فليس لسائِرِ الناسِ ائتِبَارُ
يعني اصطناع الخير والمعروف وتقديمه.