لغت: وقا
قوله تعالى: اتقوا الله حق تقاته [102/3] قال الشيخ أبو علي فيه وجوه ثلاثة:أحدها - و هو أحسنها - أن معناه أن يطاع فلا يعصى و يشكر فلا يكفر و يذكر فلا ينسى، و هو المروي عن أبي عبد الله ع وثانيها اتقاء جميع معاصيه - عن أبي علي الجبائي.
و ثالثها أنه المجاهدة في الله و أن لا تأخذه في الله لومة لائم و أن يقام له بالقسط في الخوف و الأمن - عن مجاهد.
ثم اختلف فيه على قولين:أحدهما أنه منسوخ بقوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم - عن قتادة و الربيع و السدي، و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع والآخر أنه غير منسوخ - عن ابن عباس و طاوس.
و أنكر الجبائي نسخ الآية لما فيه من أباحه بعض المعاصي قال الرماني: و الذي عندي أنه إذا وجه قوله تعالى: و اتقوا الله حق تقاته على أن تقوموا له بالحق و الخوف و الأمن: فلم يدخل عليه ما ذكره أبو علي، لأنه لا يمتنع أن يكون أوجب عليهم أن يتقوا الله على كل حال ثم أباح ترك الواجب عند الخوف على النفس، كما قال تعالى: إلا من أكره و قلبه مطمئن بالإيمان.
و قال في قوله تعالى: و اتقوا الله ما استطعتم ما أطقتم.
و الاتقاء: الامتناع من الردى باجتناب ما يدعو إليه الهوى، و لا تنافي بين هذا و بين قوله تعالى: و اتقوا الله حق تقاته لأن كل واحد منهما إلزام لترك جميع المعاصي، فمن فعل فقد اتقى عقاب الله، لأن من لم يفعل قبيحا و لا أخل بواجب فلا عقاب عليه، إلا أن في أحد الكلامين تنبيها على أن التكليف لا يلزم العبد إلا فيما يطيق، و كل أمر أمر الله به فلا بد أن يكون مشروطا بالاستطاعة.
ثم حكى ما قاله قتادة من أنه ناسخ لقوله: فاتقوا الله حق تقاته ثم قال: و الصحيح أنه مبين لا ناسخ.
قوله تعالى: هو أهل التقوى و أهل المغفرة [56/74] أي أنا أهل أن أتقي إن عصيت و أنا أهل أن أغفر.
قوله تعالى: و سيجنبها الأتقى [17/92] أي التقي الخائف الذي يخشى الله في الغيب و يجتنب المعاصي و يتوقى المحرمات، أي و سيجنب النار الأتقى البالغ في التقوى الذي ينفق ماله في سبيل الله و ما لأحد عنده من نعمة تجزى أي و لم يفعل ما فعله لنعمة أسديت إليه يكافى‏ء عليها و لا ليد يتخذها عند أحد إلا ابتغاء وجه ربه مستثنى من غير جنسه و هو النعمة، أي ما لأحد عنده نعمة إلا ابتغاء وجه ربه، كقوله: ليس في الدار أحد إلا حمارا و يجوز أن يكون مفعولا له، لأن المعنى: لا يؤتي ماله إلا ابتغاء الثواب و لسوف يرضى بما يعطى من الثواب و الخير.
قوله تعالى: و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب [2/65] روي أنها لما نزلت انقطع رجال من الصحابة في بيوتهم و اشتغلوا في العبادة وفوقا بما ضمن لهم، فعلم النبي صلى الله عليه و آله ذلك فعاب ما فعلوه وقال: إني لأبغض الرجل فأغرا فاه إلى ربه و يقول: اللهم ارزقني، و يترك الطلب .
قوله تعالى: أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا [18/19] أي تخاف الله و تتقيه.
قوله تعالى: و تزود فإن خير الزاد التقوى [197/2] هي طاعة الله تعالى و عبادته و خشية الله و هيبته.
و في حديث علي عليه السلام : يا حسن أحسن ما بحضرتكم من الزاد التقوى و العمل الصالحقوله تعالى: لمسجد أسس على التقوى من أول يوم [108/9] يريد به مسجد قبا و هو ]أول‏[ مسجد أسسه رسول الله ص .
قوله تعالى: فإنها من تقوى القلوب [32/22] أي تعظيم شعائر الله من أفعال ذوي تقوى القلوب، و إنما ذكرت القلوب لأنها أماكن التقوى فإن تمسكت فيها ظهر أثرها في الجوارح.
قوله تعالى: فكيف تتقون إن كفرتم [17/73] أي كيف يكون بينكم و بين العقاب وقاية إذا جحدتم.
قوله تعالى: قوا أنفسكم و أهليكم نارا [6/66] سئل الصادق عليه السلام عن ذلك كيف نقيهن؟ فقال: إذا أمرتموهن و نهيتموهن فقد قضيتم ما عليكم .
و التقوى في الكتاب العزيز جاءت لمعان: الخشية و الهيبة و منه قوله تعالى: و إياي فاتقون [41/2].
و الطاعة و العبادة و منه قوله تعالى: اتقوا الله حق تقاته [102/3].
و تنزيه القلوب عن الذنوب، و هذه - كما قيل - هي الحقيقة في التقوى دون الأولين، قال تعالى: و من يطع الله و رسوله و يخش الله و يتقه فأولئك هم الفائزون [52/24] قال الشيخ أبو علي في و يتقه قرى‏ء بكسر القاف و الهاء مع الوصل و بغير وصل بسكون الهاء و بسكون القاف و كسر الهاء، شبه بكتف فخفف.
قوله تعالى: و ما لهم من الله من واق [34/13] أي دافع.
قوله تعالى: أ فمن يتقي بوجهه سوء العذاب [24/39] لأنه إذا ألقي في النار مغلولة يداه فلا يتهيأ له أن يتوقى النار إلا بوجهه.
قوله تعالى: على تقوى من الله [109/9] قال في ف: فإن قلت: فما وجه ما روي عن سيبويه عن عيسى بن عمر على تقوى من الله بالتنوين؟ قلت: قد جعل الألف للإلحاق لا للتأنيث كسترى فيمن نون ألحقها بجعفر -
و كلمة التقوى فسرت بلا إله إلا الله.
و التقوى فعلى كنجوى، و الأصل فيه وقوى من وقيته: منعته، قلبت الواو تاء و كذلك تقاة و الأصل وقاة، قال تعالى: إلا أن تتقوا منهم تقاة [28/3] أي اتقاء مخافة القتل، و جمع التقاة تقى كطلى للأعناق، و قرى‏ء تقية.
و التقية و التقاة اسمان موضوعان موضع الاتقاء.
و قولهم: اتقاه بحقه أي استقبله به فكأنه جعل دفعه حقه إليه وقاية من المطالبة.
و في حديث علي عليه السلام : كان إذا احمر البأسأي اشتد الحرب اتقينا برسول الله صلى الله عليه و آلهأي جعلناه وقاية لنا من العدو.
و رجل تقي أصله وقي فأبدلت الواو تاء.
و أتقي أصله أوتقي فقلبت و أدغمت.
و في الحديث: من اتقى على ثوبه في صلاته فليس لله اكتسىأي خاف عليه و منعه من أن يبذله للصلاة.
و التقي اسم لمحمد بن علي الجواد عليه السلام لأنه اتقى الله فوقاه شر المأمون لما دخل عليه بالليل و هو سكران فضربه بسيفه حتى ظن أنه قتله فوقاه الله شره .
و التوقي: التجنب، و منه يتوقون شطوط الأنهارو في حديث علي عليه السلام : توقوا البرد في أوله و تلقوه في آخرهقال بعض شراح الحديث: أما توقيته في أوله فلان البرد الخريفي يرد على أبدان قد استعدت لفعله بحرارة الصيف و يلبسه و ما يستلزمانه من التحلل، فلذلك يكون قهره للفاعل الطبيعي و ضعف الحار الغريزي و حدوث ما يحدث من اجتماع البرد و اليبس اللذين هما طبيعة الموت من ضمور الأبدان و ضعفها، و أما تلقيه في آخره - و هو آخر الشتاء و أول الربيع - فلاشتراك الزمانين في الرطوبة التي هي مادة الحياة و انكسار سورة برد الشتاء بحرارة الربيع و اعتداله، فيقوى لذلك الحر الغريزي و تنتعش الأبدان، و يكون بذلك نموها و قوتها.
و اتقاء الصيد: عدم قتله.
و اتقاء النساء: عدم وطيهن لا غير.
و وقاه الله وقاية بالكسر: حفظه، و منه اللهم اجعله وقاية لمحمد صلى الله عليه و آلهأي حفظا له.
و الوقاية التي أيضا للنساء، و الوقاية بالفتح لغة.
و الوقاء بالكسر و الفتح: ما وقيت به شيئا.
و الأوقية بضم فسكون و ياء مشددة: أربعون درهما، قال الجوهري: و كذلك كان فيما مضى، فأما اليوم فيما يتعارفها الناس و يقدر عليه الأطباء فالأوقية عندهم وزن عشرة دراهم و خمسة أسباع درهم و هو أستار و ثلثا أستار و الجمع الأواقي مثل أثفية و أثافي، و إن شئت خففت الياء في الجمع.
و في المغرب - نقلا عنه - الأوقية هي أفعولة من الوقاية، لأنها تقي صاحبها من الضر، و قيل فعلية من الأوق: الثقل، و الجمع الأواقي بالتشديد و التخفيف، و الأوقية عند الأطباء وزن عشرة مثاقيل و خمسة أسباع درهم، و هو أستار و ثلثا أستار.