قوله تعالى: قل يتوفيكم ملك الموت [11/32] أي يقبض أرواحكم أجمعين فلا يبقى منكم أحد.
قوله تعالى: يا عيسى إني متوفيك و رافعك إلي [55/3] أي مستوف أجلك، و معناه إني عاصمك من أن تصلبك الكفار و مؤخرك إلى أجل أكتبه لك و مميتك حتف أنفك لا قتلا بأيديهم و رافعك إلى سمائي، و قيل أراد بقوله: متوفيك يعني قابضك من الأرض، من توفيت مالي قبضته.
و قيل: أراد بالتوفي النوم، لما روي أنه رفع نائما.
قوله تعالى: يتوفى الأنفس [42/39] أي يميتها.
و اعلم أن النفس التي تتوفى وفاة الموت هي التي يكون فيها الحياة و الحركة و هي الروح، و النفس التي تتوفى في النوم هي النفس المميزة العاقلة، فهذا الفرق بين النفسين.
قوله تعالى: من كان يريد الحيوة الدنيا و زينتها نوف إليهم أعمالهم فيها [15/11] قال الشيخ أبو علي: أي نوصل إليهم و نوفر عليهم أجور أعمالهم من غير بخس في الدنيا، و هو ما يرزقون فيها من الصحة، و قيل هم أهل الرياء، و حبط ما صنعوا أي صنعهم فيها في الآخرة، يعني لم يكن لصنيعهم ثواب لأنهم لم يريدوا به الآخرة و إنما أرادوا الدنيا و قد وفي إليهم ما أرادوا، و باطل ما كانوا يعملون أي عملهم كان في نفسه باطلا، لأنه لم يعمل للوجه الصحيح الذي هو ابتغاء وجه الله فلا ثواب يستحق عليه و لا أجر.
قوله تعالى: يوفون بالنذر - الآية [7/76] قال بعض الأفاضل: الآية قد تضمنت المدح بالوفاء بالنذر و النذر سبب نزولها باتفاق الأمة.
روي عن ابن عباس أن الحسن و الحسين عليه السلام مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه و آله في أناس فقال: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك، فنذر علي و فاطمة و فضة جاريتهما صوم ثلاثة أيام إن شفيا، فشفيا و ما معهم شيء فاستقرض علي من شمعون الخيبري ثلاث أصوع من شعير و طحنت فاطمة عليه السلام صاعا و اختبزت خمسة أقراص، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم مسكين فآثروه و باتوا لم يذوقوا إلا الماء فأصبحوا صياما، فلما أمسوا و وضعوا الطعام وقف عليهم يتيم فآثروه ثم وقف عليهم في الثالثة أسير ففعلوا مثل ذلك، فنزل جبرئيل بهذه السورة و قال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتكها .
قوله تعالى: و إبراهيم الذي وفى [37/53] أي وفى سهام الإسلام أمتحن بذبح ابنه فعزم عليه و صبر على عذاب قومه و اختتن فصبر على مضضه، فقد وفى حدود ما أمر به، و قيل: وفى بمعنى وفى لكنه آكدو في الحديث: سئل عليه السلام ما معنى و إبراهيم الذي وفى؟ قال: كلمات بالغ فيهن قلت: و ما هن؟ قال: كان إذا أصبح قال: أصبحت و ربي محمود أصبحت و لا أشرك بالله شيئا و لا أدعو معه إلها و لا أتخذ من دونه وليا - ثلاثا .
قوله تعالى: إذا اكتالوا على الناس يستوفون [2/83] من قولهم: استوفيت عليه الكيل أخذته منه تماما وافيا، و على هذا بمعنى من و أوفيته: أتممته، قال تعالى: و أوفوا الكيل إذا كلتم [35/17] و أوفوا بالعقود [1/5].
و الوفاء ضد الغدر، يقال: وفى بعهده إذا لم يغدر.
قوله تعالى: و الموفون بعهدهم إذا عاهدوا و الصابرين [177/2] رفع الموفون عطفا على من آمن، و نصب الصابرين على المدح.
قيل: و يدخل في الوفاء بالعهد النذر و كلما التزمه المكلف من الأعمال،و في الحديث: من أراد أن يكتال بالمكيالفليكن آخر قوله: سبحان ربك رب العزة عما يصفون.
و سلام على المرسلين.
و الحمد لله رب العالمين و المكيال الأوفى عبارة عن نيل الثواب الوافي.
و الوفاة: الموت.
و توفاه الله: قبض روحه.
و وافى فلان: أتى.
و وافيته موافاة: أتيته، و مثله وافيت القوم.
و في حديث الحجر: فاشهد لي بالموافاة .
أي بالإتيان إليك و إقراري بالعهد الذي أودعتك إياه.
و فيه: الحجر يشهد لمن استلمه بالموافاةأي بالحضور عنده و المجيء إليه.
و في حديث الأئمة: إن الله تعالى أخذ من شيعتنا الميثاق كما أخذ على بني آدم أ لست بربكم فمن وفى لنا وفى الله له بالجنةقال بعض المستبصرين: وقع التصريح عنهم عليه السلام بأن فعل الأرواح في عالم الأبدان موافق لفعلهم في يوم الميثاق، و المراد من وفى لنا في عالم الأرواح و عالم الأبدان بما كلفه الله من التسليم لنا وفى الله له بالجنة.
و في الخبر عن رجل قال: أحصيت لعلي بن يقطين من وافى عنه في عام واحد خمسمائة و خمسين رجلاأي حج عنه هذا العدد و في الدروس: قد أحصي في عام واحد خمسمائة و خمسون رجلا يحجون عن علي بن يقطين أقلهم سبعمائة دينار و أكثرهم عشرة آلاف.
قال بعض المتبحرين: لا يخفى أن قوله: أقلهم و أكثرهم يحتمل أن يراد أقل ما يعطي أحدهم و أكثره، أو الأقل منهم و الأكثر، و كيف كان فلو جعلنا لبعضهم العدد الأقل و لبعضهم الأكثر لصار المبلغ مقدارا كليا لا تفي به خزانة كثير من ملوك زماننا هذا، مع أن ما ينفق في الحج المستحب فعلمه بحسب التخمين عشر باقي الصدقات من الزكوات و الأخماس و الإنعامات و نحوها، فإذا كان عشر تصدقاته في سنة واحدة هذا المقدار العظيم فما ظنك في جميع خرجه في كل السنة، و أعجب من ذلك أن كل هذا من الحلال، فإن الرجل ثقة لا يقرب الحرام، و ظني أن الكاظم عليه السلام كان قد أحل له التصرف في الخراج، و هو - رضي الله عنه - جعل أجرة الحج وسيلة لدفع مثل هذا المال للشيعة لئلا يطعن عليه أعداؤه.
و فيه: الدرهم الوافيو المراد به التام الذي لا نقصان فيه.
و استوفى حقه: إذا أخذه وافيا تماما. |